أولًا) قراءة في التجربة

تاريخ الوقف في البحرين قديم[i]، منذ أن دخلت الإسلام عام 629م، ويعتبر مسجد الخميس من أوائل الأوقاف الدينية التي بنيت في البحرين، وقيل إنه بُني في عهد الخليفة الأموي الثامن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (101هـ/720م). ولكن عمليًا يعتبر القانون رقم (17/69) لسنة (1346هـ/1928م) هو الذي اختص بتنظيم الأوقاف، وإنشاء إدارة لتوثيق جميع البيانات عن الأوقاف، وتحديد مواعيد لتسجيل الأوقاف لدى القضاة ونظار الأوقاف في مجلس الأوقاف، ويهتم بوضع الأنظمة والإجراءات اللازمة لحسن إدارة الأوقاف سواء الخيرية أو الذرية ووضع الخطط لتنمية وتطوير الوقفيات. وتنقسم الأوقاف في البحرين إلى أوقاف سنية وأوقاف جعفرية، ولكل منهما إدارة مستقلة ومنفصلة عن الأخرى، ويكون لها السلطة النافذة على تنفيذ تنمية الأوقاف والصرف بناء على شروط الواقفين. من خلال وضع استراتيجية لبناء مؤسسي يعتمد على اللوائح بعيدا عن الإدارة الفردية، وتحديد التحديات التي تواجه مؤسسة الوقف وتنمية موارد الأوقاف وتطويرها واستثمارها؛ وتحصيل ريعها وصرفها.

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية
تسعى إدارة الأوقاف لاستثمار عدد كبير من المشاريع، وخاصة إعمار الأوقاف القديمة، وقد مر استثمار الأوقاف بالمراحل الآتية[ii]: عبر المحافظ والودائع قصيرة المدة ثم استثمار هذه الأموال، وتأجير بعض الأراضي بعقود إدارية حديثة طويلة المدى مقابل إعمار الوقف وتنميته. ثم ضم الأوقاف وذلك في بعض الأوقاف الصغيرة التي يصعب إدارتها ولا يرصد مال لإعادة إعمارها، ثم الإيجارات طويلة المدة من أجل إعمار بعض الأراضي الوقفية، في إطار عقود (BOT) .

يبلغ حجم موجودات الأوقاف السنية ربع مليار دينار بحريني، [ يساوي 665 مليون دولار أمريكي]، وإيرادات الأوقاف السنية وصلت إلى 6 ملايين دينار بحريني، [ يساوي 16 مليون دولار أمريكي]، بدون احتساب قيمة الأراضي البيضاء، في حين لم يتم احتساب أصول الأوقاف الجعفرية، والتي تملك أكثر من (2500) قطعة أرض، لم يتم بعد تحديد قيمتها السوقية، لكن تجاوزت إيرادات الأوقاف الجعفرية الـ5 ملايين دينار بحريني، وعدد العقارات الوقفية التي تديرها إدارة الأوقاف الجعفرية يبلغ 2563 عقارًا وقفيًا وخيريًا وذريًا ومشتركًا.

ويمثل الجدول التالي حجم العقارات الاستثمارية لدى كل من الأوقاف السنية والجعفرية:[iv]

العقارات التابعة للأوقاف السنية العقارات التابعة للأوقاف الجعفرية
دور العبادة

عقارات وقفية

565

783

دور العبادة

مأتم

عقارات وقفية

891

625

2651

المجموع 1348 المجموع 4167

وبلغ مجموع العقارات المطروحة للاستثمار التابعة لإدارة الأوقاف السنية (783) عقارًا، (511) منها تحت تصرف الإدارة، و(290) عقارًا مستثمرًا أو مؤجرًا، و (221) غير مستثمر.

أما فيما يخص الأوقاف الجعفرية فبلغ مجموع الوقفيات المطروحة للاستثمار التابعة للإدارة (2651) عقارًا، (2515) تحت تصرف الإدارة، منها (3417) عقارًا مستثمرًا أو مؤجرًا في حين يبلغ عدد العقارات غير المستثمرة (1152). وهذا الحجم الكبير للأصول الوقفية يمكن أن يُسهم في التنمية المحلية إذا تم إعادة الخطط الاستثمارية من جديد، ولعل هذا يثير سؤالًا حول فصل ملف الوقف عن وزارة العدل، بحيث تكون الأوقاف هيئة مستقلة كباقي مؤسسات الوقف في الخليج العربي، ليتم إدارتها بكفاءة استثمارية، وتأسيس شركات استثمارية خاصة بها.

ثالثًا) استشراف التجربة

تشكل التجربة البحرينية نموذجًا لواقع البلد الصغير مساحةً، الكبير في أصوله الوقفية، ما شكل دعمًا حقيقيًا لأهل البحرين في تعظيم أصولهم وريعهم على الرغم من بعض الصعوبات والتحديات كتقيد الأوقاف وعملها من خلال وزارة العدل، ما يجعل آليات الاستثمار مقيدة، وهذا ما يستدعي ضرورة العمل على إطلاق جهاز الوقف بصورة منفصلة ليتم تنفيذ خطط استثمارية توازي الحجم الكبير للوقف في البحرين. خصوصًا أن هناك أراض وقفية مؤجرة بمبالغ رمزية لفترات طويلة، ما يقلل الاستفادة من هذه الأصول. والتجربة في البحرين مطالبة بالانفتاح على محيطها من أوقاف دول الخليج الذين سجلوا أرقاماً قياسية مميزة في مجال استثمار الممتلكات الوقفية، وهذا يستدعي ضرورة تعزيز الشفافية والشراكات مع الآخر.