8) المملكة الأردنية الهاشمية

أولًا) قراءة في التجربة

الأردن[i]، وهي كباقي بلاد الشام كانت تخضع لنظام وقانون إدارة الأوقاف العثماني الصادر بــ (19 جمادى الآخرة 1208هـ/ 1794م)ـ، حتى صدور قانون الأوقاف الإسلامية عام (1946)، ثم عُدلت في عام (1962)، وصار المشرف عليه قاضي القضاة، ثم اعتمد رسميًا في تاريخ (5 يونيو 1966)، تحت اسم قانون الأوقاف، ثم لاحقًا بتاريخ (1968) تحت اسم قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وصارت سلطته لوزارة الأوقاف[ii].

تتمتع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية باستقلال مالي وإداري، حيث نصت المادة (107) من الدستور أنه يُعين ” قانون خاص كيفية تنظيم أمور الأوقاف الإسلامية، وإدارة شؤونها المالية وغير ذلك”[iii]، وهذا يبعد الأوقاف عن أن تستعمل في النفقات الحكومية أو أن يتم الاعتداء عليها. آخر قوانين الأوقاف صدر في (16 يوليو 2001) بإنشاء مؤسسة تنمية أموال الأوقاف، وكان سببًا في تطور قطاع الوقف من خلال قوانينه التي أتاحت إعفاء الأوقاف الإسلامية ” الخيرية والمعاملات الخاصة أو المتعلقة بها من الضرائب والرسوم والطوابع على اختلاف أنواعها، ويشمل ذلك ما تشتريه الوزارة من أراض وعقارات، كما تعفى الدعاوي التي تقيمها على الغير من الرسوم والطوابع”[iv]. كما منعت أي حكر جديد على أراضي الأوقاف، هذا القانون عزز الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي عن وزارة الأوقاف، وقد منح وأعطى امتيازات لهذه المؤسسة مثل الإعفاء من دفع الرسوم عند البيع والشراء، بل وأيضًا إعفاء المشاريع التي يقيمها الآخرون على أراضي الوقف من كافة الرسوم والضرائب، لغرض تشجيع الاستثمار في قطاع الوقف.

لكن بقيت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لها إدارة الأوقاف الإسلامية الخيرية وتنظيم أمورها، وأما الأوقاف الذرية فيقوم متولوها بإدارتها تحت إشراف القضاء الشرعي، وإدارة الوقف في الأردن تحظى بأهمية ورعاية من طرف الدولة، فالأملاك الوقفية معفية من كل الضرائب، ويتم متابعتها من خلال مديرية الرقابة والتفتيش الإداري، وتتولى مهمة الرقابة على أموال الوقف، وضمان الالتزام ببلوغ الأهداف المسطرة، كما هناك مديرية الأملاك الوقفية، وتتولى العناية بالأملاك الوقفية والمحافظة على أموال الوقف بأنواعها واستثمارها، وتوجد أيضًا مؤسسة تنمية أموال الوقف، تتولى استثمار أموال الوقف المنقولة وغير المنقولة بما يحقق مصلحة الوقف، وبما يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية ومع مراعاة شروط الواقفين، أي الوزارة هي المسؤولة على إدارة الأوقاف، مع إنشاء مؤسسة خاصة باستثمار الأوقاف، كذراع استثماري للوزارة.

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

واقع الاستثمار الوقفي في الأردن خلال الفترة (1983-2001) لم يتجاوز خمسة ملايين دولار، لكن وبعد تأسيس مؤسسة تنمية أموال الأوقاف في عام (2002/2003) تضاعفت أكثر من عشر مرات لتصل إلى أكثر من 50 مليون دينار أردني، [أي حوالي = 75 مليون دولار أمريكي][v].

وحسب تصريح صحفي لوزير أوقاف في عام 2016، فإن قيمة الأراضي والعقارات الوقفية تقارب مليار دينار أردني، – يقارب 1.410 مليار دولار أمريكي – ولكن العائد لا يزال منخفضًا نتيجة لخلل في آلية الاستثمار[vi].

أما إجمالي إيرادات الوقف لعام 2020 فقد قاربت 4.666.839 دينار أردني [أي حوالي 6.581 مليون دولار أمريكي]، وتقوم الوزارة بصرف هذا الريع على مجالات مختلفة، حيث تصرف الوزارة كما هو محدد لعام 2020 على البرنامج العام بمبلغ يقارب: 2.257.559 دينار أردني [أي حوالي = 3.184 مليون دولار أمريكي]، وعلى برنامج المساجد بما يقارب 1.711.582 دينار أردني [أي حوالي = 2.414 مليون دولار أمريكي]، وعلى برنامج التعليم ما يقارب 316.57 دينار أردني [= 446 ألف دولار أمريكي]، وعلى برنامج مساعدة المحتاجين بمبلغ يقارب 257.42 دينار أردني [أي حوالي = 363 ألف دولار أمريكي]، وعلى برنامج الرعاية الصحية بمبلغ يقارب 119.918 دينار أردني [أي حوالي = 169 ألف دولار أمريكي]، والجدول أدناه يعرض حجم الإيرادات والنفقات لآخر أربع سنوات بالدينار الأردني[vii]:

السنوات الإيرادات الإنفاق
2017 5 مليون دينار أردني 4.7 مليون دينار أردني
2018 5 مليون دينار أردني 4.15 مليون دينار أردني
2019 5.080 مليون دينار أردني 4.620 مليون دينار أردني
2020 3 مليون دينار أردني 4.627 مليون دينار أردني

وتعتمد الوزارة الصيغ المالية التي تشير إلى التمويل الذاتي وبعض الصيغ كالإجارة المتناقصة أو المرابحة والاستصناع والمشاركة المتناقصة وسندات المقارضة وغيرها، كما تستخدم الوزارة صيغة (BOT) في تمويل مشاريعها الكبيرة، ويظهر في المنحى البياني هذا التوجه مع نمو الإيرادات الوقفية من عام 2000-2016 بناء على صيغة (BOT)، مثل السوق التجاري في مجمع الاستقلال كنموذج[viii].

ثالثًا) استشراف التجربة

الاستقلال المالي الذي تحوزه الوزارة بنص الدستور الأردني، يُعطي قدرة قانونية على حفظ أصول الوقف العامة، فضلًا عن إعفاء الوزارة من الضرائب والرسوم، وهذا كله يتم من خلال مديرية الرقابة والتفتيش والمحاسبة.

وقد كانت قدرة وزارة الأوقاف على استثمار الأصول محدودة قبل تأسيس مؤسسة تنمية أموال الأوقاف، فضلًا عن قلة الكفاءات المتخصصة في القطاع العام في مجال الاستثمار، ثم وقع التحول ولكن بعد تأسيس المؤسسة، فتمت مضاعفة أصول ممتلكات الأوقاف وريعها من خلال الإلمام بالأساليب الاستثمارية في القطاع الخاص، على الرغم من ارتفاع كلفة عملية الاستثمار، وهذا ما جعل المؤسسة تقوم بالشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص في تطوير مشاريعها الكبرى من خلال أسلوب الإجارة الطويلة (B.O.T)، وقد حققت المؤسسة نجاحًا في الشراكة مع القطاع الخاص، حيث تفتقد المؤسسة التمويل والخبرة والقدرة التنفيذية على أرض الواقع، فتم إشراك القطاع الخاص في مساعدة المؤسسة. ولكن تواجه التجربة تحديات وعوائق جمة، منها الحاجة إلى جمع وتوثيق الأوقاف، وبناء قواعد بيانات دقيقة للأوقاف، وتعزيز الثقافة الوقفية في المجتمع، وبناء جسر من الثقة بين المؤسسات الوقفية والواقفين أو المتبرعين، والحاجة إلى توعية المتعاملين مع الأوقاف بالحاجة إلى دفع مستحقاتهم للوقف حيث هناك ما يقارب تسعة ملايين دينار أردني مستحقة في ذمة مستثمرين لعقارات وأصول وقفية، لم تحصل عليها الوزارة[ix]. فضلًا عن هذا كله، تعزيز الكفاءة الاستثمارية في واقع مؤسسة الوقف، واستغلال أمثل وأكفأ للموارد الوقفية، فمساحة الأراضي الوقفية التي تحتاج إلى تطوير وصلت الى ما يقارب (450) دونمًا[x]، وبعضها يمتاز بمواقع تجارية مميزة وقيمتها السوقية عالية كما في مناطق صويفية ودير غبار ووادي السير وناعور.

لمزيد من المعلومات، يمكن الرجوع إلى: التقرير الإستراتيجي للأوقاف 20222023م، (المعهد الدولي للوقف الإسلامي، ط1، 2024م).