كينيا

أولًا) قراءة في التجربة

يمثل المسلمون فيها حوالي 35% [i]، وتعتبر دولة ساحل كينيا من الدول التي حاولت التطوير في ممتلكاتها الوقفية رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها، وتمتاز تجربتها بأن الأوقاف في ساحل كينيا يرجع تاريخها إلى تاريخ وصول الإسلام إليها، وكان أول وقف في ساحل كينيا عبارة عن مساجد طينية، ذلك لأن المسلمين الأوائل كانوا تجارا يأتون إلى الساحل، وينطلقون إلى الجزيرة العربية غير مستقرين استقرارًا دائمًا. ولكن عمليًا أول ما وقف فيه هو مسجد الجمعة في مدينة شنغا (shanga)، وهي قرية في جزيرة باتي (pate) تابعة لمقاطعة لاموا، ويعود تاريخه لعام 870م، ثم حبس المسلمون الأراضي الزراعية نظرًا لطبيعة أرضها لأنها خصبة صالحة للزراعة، ووفرة الأمطار، ومناخها معتدل على مدار العام[ii]. أما تاريخ تأسيس هيئة الأوقاف الكينية (wakf commission of kenya) فيرجع إلى عام 1803م زمن الممالك الإسلامية في ساحل كينيا، حيث كان الساحل حينئذ تحت إدارة سلطان زنجبار، قبل الاستعمار البريطاني عام 1895م[iii]. صدرت عدة قوانين لتطوير الأوقاف، ففي عام 1902م صدر أول قانون يتعلق بقطاع الأوقاف في كينيا، ثم عدل في عام 1935م، ثم عدل عام 1951م. ثم عام 1964م، حتى التعديل الأخير عام 1981، وكان هناك مشروع قانون قدم للبرلمان عام 2019، لكن لم يتم الموافقة عليه، وفيه مواد هامة لتطوير قطاع الأوقاف في كينيا[iv].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

تمتلك هيئة الأوقاف حسب إحصائيات 2019 اثنتي عشرة قطعة أراض زراعية، ومساحتها 386.56 هكتار كلها تقع في شمال الساحل إلا واحدة توجد في قرية مواكرونغي (Mwakirunge ) في ضواحي مدينة ممباسا، 50% من جملة الأراضي تقع في قرية ممبروي (Mambrui ) وما حولها 16.6 منها في ضواحي مدينة لامو، 16.6 منها تقع في قرية بوماني التي تقع في شمال مدينة ماليندي، 8.3% وأخرى تقع في قرية مواكرونغي (Mwakirunge) شمال الغرب لمدينة ممباسا، وكل هذه الأراضي الزراعية هي وقف خيري، وتم تأجير 91.66% من هذه الأراضي لمدة 99 سنة و 8.33 % أجرت لمدة 33 سنة، وهذا يعني أن الهيئة ستستمر في تقاضي أجور ضئيلة، بسبب عدم قدرتها على تمويل مشاريعها. ومجموع الأجرة السنوية لهذه الأراضي حسب إحصائيات 2019 هو 20.900 شلن كيني [=يقارب 290 دولار أمريكي]، ومجموع أجرة الإجارة الكلية للمساحة كلها حسب مدة الإجارة هو 1.554.300 شلن كيني [=يقارب 15543دولار أمريكي][v]. وحسب إحصائيات عام 2020، فقد بلغت الأوقاف العامة العقارية حوالي 97%، والأوقاف النقدية حوالي 3 مليون دولار أمريكي، أما الأوقاف الخاصة العقارية فقد بلغت 3% [vi]، ويتضح من خلال النسب والبيانات السابقة، أن ما بين 2019 و2020 لم يطرأ أي تغيير على عدد الأصول الوقفية العقارية في كينيا، سواء العامة أو الخاصة والتي تشكل نسبتها الإجمالية 100%، لذلك يجب على الهيئة الوقفية المحافظة عليها بتضافر الجهود لاستثمارها بالصيغ الأكثر ملاءمة.

ثالثًا) استشراف التجربة

على الرغم من أن الأقلية المسلمة في كينيا تحافظ على وجودها وممارستها لشعائرها في كينيا، من خلال التاريخ العريق من وصول الإسلام لساحل كينيا، وأثر ذلك في وجود أصول وممتلكات وقفية عديدة، إلا أن المسلمين يواجهون عدة تحديات، من أبرزها أن الأراضي الزراعية محتكرة لمدة طويلة، فهي تؤجر لمدة 99 سنة، وتتقاضى الهيئة مقابل ذلك ريعًا ضئيلًا، كما أنها لا تحصل على أجرة سنوية، كما أن بعض المبان قديمة تحتاج إلى صيانة وتطوير، وهذا يعني أن استثمار هذه الأصول فيه لا يؤتى أكله لصالح مصارف الوقف للمسلمين في كينيا، كما أن تسجيل العقارات الوقفية ما زال يحتاج إلى جهد كبير، حيث أن بعض الأوقاف بدون ملكيات تحوزها الهيئة، وبعضها قد تم بيعه بدون علمها، ويُضاف إلى هذا قلة المتخصصين الشرعيين والقانونيين والكفاءات الاستثمارية لإدارة هذه الأصول، وهذا ما يجعل المجتمع المسلم في كينيا بحاجة إلى توعية بأهمية دور الوقف في خدمة المجتمع[vii]. ومع هذه التحديات والعوائق، إلا أن هناك إنجازات ونماذج وقفية، يسعى المسلمون في كينيا إلى مواصلة العمل فيها، منها مشروع تعليمي في جامعة الأمة، – وهي أول جامعة إسلامية خاصة في كينيا -من خلال جمعية العون المباشر التي تؤسس مشاريع وقفية تنموية في كينيا[viii]. وهذا يستدعي أن تعزز هيئة الأوقاف في كينيا من تحالفاتها مع المؤسسات الوقفية في أفريقيا، والعالم الإسلامي وأن تستفيد من الصيغ الاستثمارية الأكثر نفعًا لقطاع الأوقاف، فضلًا عن تعزيز المصرفية الإسلامية كداعم ومساند لعقاراتها الوقفية التي تحتاج لتمويل واستثمار