موريشيوس

أولًا) قراءة في التجربة

دخل الإسلام إلى موريشيوس مع وصول التجار العرب إليها[i]، لكنهم لم يستوطنوها لكثرة الأعاصير فيها، وفي عام 1060م نزل فيها الهولنديون وهم من أطلقوا عليها اسم (موريشيوس) نسبة لأحد عظمائهم ويدعى (موريس) ثم بعد ذلك غادروها، ووفد إليها الفرنسيون بعد جلاء الهولنديين واسـتعمروها تقريبًا قرنا من الزمن (1127 – 1225هـ) وأسسوا مدينة (بورت لويس) التي غدت بعد ذلك عاصمة الجزيرة، ثم جاءت إنجلترا وتسلطت عليها وطردت فرنسا سنة 1225هـ، وبقيت موريشيوس تابعة لإنجلترا حتى عام 1967م، وإعلانها أنها دولة مستقلة ولكن الاستقلال الفعلي لم يتم إلا في سنة 1992م[ii]. وقد تمكن مسلمو موريشيوس [نسبتهم 16%]، في وقت مبكر من الحصول على قانون الوقف في عام 1941 خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، وينص هذا القانون على تشكيل مجلس مفوضي الأوقاف، المعروف باسم مجلس الأوقاف، ويتألف حاليا من 15 مفوضًا، ومنذ أن أصبحت موريشيوس جمهورية، فإن الرئيس هو الذي يعين مجلس مفوضي الأوقاف، ويعين بدوره هذا الرئيس من قبل كبار المسؤولين الحكوميين، ويعمل هذا المجلس كهيئة اعتبارية وإشرافية لإدارة كل الأوقاف من خلال المتولين، ويتم تدقيق حساباته السنوية من قبل شركة مستقلة من المحاسبين القانونيين[iii].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية تتنوع الأوقاف في موريشيوس بشكل أساسي من أوقاف دينية وأوقاف خيرية وأوقاف عائلية، وبلغ عدد الأوقاف المسجلة لدى مجلس مفوضي الأوقاف حتى عام 2007 حوالي 377 وقفًا، و 270 منها أوقاف دينية، وقد عرفت الأوقاف بأنواعها المختلفة في موريشيوس تطورا منذ دخول قانون الوقف حيز التنفيذ، وعدد المساجد فقط في العاصمة بورت لويس 15 مسجدًا، أما عدد المساجد في موريشيوس كلها فيصل إلى 150 مسجدا، أكبرها (المسجد المركزي) بالعاصمة وكذلك مسجد المدينة المنورة، أما الأوقاف الزراعية فقد بلغت 122 وقفا، وهذه الأرقام لم تتغير كثيرا منذ عام 2007 [iv]. وتدعم الأوقاف الخيرية في موريشيوس إلى حد كبير المؤسسات التعليمية والمهنية والاجتماعية والدينية، ومنها على سبيل المثال: مدرسة إمداد الإسلام، والمدرسة الإسلامية العالية (تأسست سنة 1375هـ)، وكلية الثقافة الإسلامية (تأسست سنة 1374هـ – 1953م). كما توجد ثلاث مدارس ابتدائية ومدرسة متوسطة وخمسة معاهد لتحفيظ القرآن الكريم، كما تنتشر الكتاتيب التابعة للمساجد مثل الحلقة الإسلامية، وهي أقدم منظمة إسلامية في موريشيوس، أُنشئت في عام 1988م تحت اسم دار القرآن. و كذلك تم بناء أكاديمية الدوحة الثانوية للبنين والبنات – وهي مدرسة بنيت على نفقة أهل الخير من دولة قطر [v].

ثالثًا) استشراف التجربة

يعاني تطوير الوقف في موريشيوس من عدة معوقات وصعوبات خطيرة، أبرزها جهل عامة المسلمين في موريشيوس بخصوص أعمالهم الوقفية، وهذا راجع إلى أن العلماء لا يبذلون أي جهد لترويج فوائد الوقف، فضلا عن ضعف قانون الوقف لعام 1941، من ناحية أن هذا القانون محدود النطاق ويتعامل فقط مع الممتلكات الوقفية الموجودة، ولا يبحث عن فرص أخرى مثل الوقف النقدي، كما أنه لا ينص على إمكانية استخدام المنصات المالية مثل التمويل الجماعي أو (blockchain)، من أجل تطوير الوقف. إضافة إلى عدم وجود خبرة ومهارات لاستثمار الممتلكات الوقفية لدى المتولين، فضلا عن نقص الأموال و التمويل لاستثمار هذه الممتلكات، وهناك تحديات أخرى تتعلق بعمل المفوضين أنفسهم

مسية الرمضانية، بتاريخ 17 نوفمبر 2020)، انظر الحلقة الكاملة مسجلة عبر اليوتيوب [https://www.youtube.com/watch?v=Br3iUMhCYbI].

[iv] ظهير عباس، التجربة الوقفية في موريشيوس، وأيضا أحمد محمود السيد، الأقلية المسلمة في موريشيوس، مرجع سابق، ص 80.

[v] ـ أحمد محمود السيد، الأقلية المسلمة في مورشيوش، مرجع سابق، ص 80.