جمهورية المالديف

أولًا) قراءة في التجربة

اعتنق سكان جزر المالديف الإسلام في القرن الثاني عشر[i]، وتم ذكر كلمة “الوقف” في الوثائق التي تعود إلى هذا القرن نفسه، وفي الآونة الأخيرة تم الترويج لمفهوم الوقف كأداة اجتماعية واقتصادية، وتطوير ممتلكات أخرى جديدة. وفي المستقبل القريب سيتم العمل على العديد من العقارات الوقفية وتطويرها[ii]. وظلت الأوقاف المالديفية محفوظة لسنوات طويلة، تعود إيراداتها وخيراتها على المجتمع، إلا أنه في السبعينيات قامت الدولة بنقل واستبدال جل هذه الأوقاف من جزيرة مالي ـــــ عاصمة المالديف ـــــ إلى جزيرة في الريف تسمى “ألف، ألف، تدو”[iii] في عام 1970م، وتم نقل تقريبا 29 أرضًا وقفية [مساحتها تساوي 219.558 قدما مربعا] من نوع الوقف الأهلي أو الذري، علما أن هذه الأوقاف منذ أكثر من خمسين سنة لم يعين لها ناظر ولم يتم تفعيل أي نشاط وقفي فيها. وترتب على هذا النقل غياب الوقف في الدولة وانقطاع مصالحه، لأنه تم نقله واستبداله إلى مكان ريفي لا يحقق الاستثمار والتنمية المرجوة منه، كما أنه لم يتم الاهتمام به وتطويره باستثناء المساجد والمقابر[iv].

وحاليا لا يوجد في جمهورية المالديف قانون أو لائحة تنظم ممتلكاتها الوقفية، لكن وزارة الشؤون الإسلامية بصدد إعداد وصياغة مشروع إطار قانوني خاص بقطاع الوقف[v].

أما العقار الوقفي [ Isdhoo Loamaafaau ] فهو أرض كبيرة في (Dhivehi) تم إنفاقه بتاريخ 1191هـ، وهو من أقدم السجلات الموجودة في جزر المالديف، يوثق وقف الأرض ومنافعها لصيانة مسجد (Isdhoo)، وتم التصرف في عائدات الأراضي الوقفية من قبل ملوك جزر المالديف من وقت لآخر كإعانات دينية. وللأسف ليس هناك بحث رسمي لتوثيق الأوقاف التي ضاعت في المالديف وفهم ظروف ضياعها[vi].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

نظرًا لضياع العديد من الأوقاف القديمة في جزر المالديف، فإنه من الصعب تحديد وتقدير حجم وقيمة هذه الممتلكات، لأن المشرع المالديفي (في قانون 1970م) نص بشكل صريح على غياب الوقف في المالديف، وكان عنوانه “منع الأوقاف من جزيرة مالي (عاصمة المالديف)”، وهي 29 أرضًا وقفية مساحتها تقريبًا 219.558 قدما مربعا، وهذا يؤكد على ضياع الممتلكات الوقفية، لأن قرار المشرع يدل على قلة الوعي وغياب فقه الوقف وثقافته من مجتمع المالديف، وإلى الآن للأسف الشديد لم يتم تعيين أي ناظر عليها ولا تفعيل أي نشاط استثماري، لكونها في الريف ولم تعد صالحة ومناسبة للتطوير[vii].

ثالثًا) استشراف التجربة

يتعرض الوقف في المالديف لعدة صعوبات، أهمها قلة وعي المجتمع بتفاصيل الوقف وأهميته، وضياع سجلات الأوقاف القديمة، وضعف الشفافية وقلة الإفصاح في الإبلاغ عن الأداء التشغيلي والمالي للأوقاف، وعدم وجود جهة رقابية مستقلة لهذه الأوقاف[viii]. ومع هذه التحديات والعوائق، إلا أن هناك مبادرات ومشاريع تسعى وزارة الشؤون الإسلامية إلى مواصلة العمل عليها، أهمها “صندوق التليمي” سنة 1956م وهو صندوق يستخدم لتوفير فرص التعليم، والسكن للأشخاص في قطاع التعليم، ثم مبادرة “وقف داهرول إيمان” لعام 2017م، وهو مجمع مكاتب، وتستخدم إيراداته لصيانة المساجد في جميع أنحاء دولة المالديف، ومن المتوقع أن تدر هذه المبادرة دخلًا بقيمة 337.000 دولار أمريكي سنويًا، وللأسف الشديد فإنه لا توجد بيانات وإحصائيات عامة ومتاحة عن هذه الصناديق، وتخطط وزارة الشؤون الإسلامية لبناء مثل هذه المجمعات في 5 جزر، وحاليًا تقوم الجامعة الإسلامية في جزر المالديف ببناء مجمع آخر