دولة ماليزيا

أولًا) قراءة في التجربة

منذ دخول الإسلام شرق آسيا وشبه جزيرة الملايو[i]، ثم تعرض شعب الملايو للاستعمار البرتغالي عام 1511م وحتى الاستقلال الكامل لماليزيا عام 1957م، لم تتأثر الشعائر الإسلامية لا سيما نظام الوقف نظرًا لارتباط الشعائر الإسلامية بوجود السلاطين الذين من مهام حكمهم القيام بهذه الشعائر ورعايتها كل في ولايته، ومنها شعائر الحج والزكاة والوقف، والأحوال الشخصية عمومًا، فضلًا عن المدارس الدينية والمحاكم الشرعية في المجتمع، وممارسة المسلمين عمومًا شعائرهم الدينية بكل حرية في ظل وجود أعراق وأديان أخرى، وقد فوض السلاطين إدارة الأوقاف إلى المجلس الإسلامي بالولاية لإدارة وتنظيم هذه الأصول.

ويمكن تقسيم تطور إدارة الأوقاف في ماليزيا إلى قسمين[ii]:

  • قبل 1952م، حيث كانت معظم الأوقاف مقتصرة على إنشاء المساجد أو المقابر ودور الأيتام والمدارس الدينية، وكان الإشراف من قبل لجان بدون تفويض رسمي، ما أدى إلى وقوع بعض الاجتهادات أدت لضياع بعض الممتلكات الموقوفة.
  • بعد 1952م، بعد تفاقم سوء الإدارة من بعض النظار، تم سن قوانين لوقف التجاوزات من بعض المتولين أو النظار، وقد ظهر هذا واضحًا في تشريعات ولاية سلانغور، حيث أصدرت في عام 1952م قوانين تنسجم مع المذهب الشافعي، فضلًا عن قرارات إدارية أهمها اعتبار المجلس الإسلامي الديني هو المتولي العام لجميع الأوقاف الإسلامية في الولاية، وحفظ جميع الوثائق الوقفية، والالتزام بصرف ريع الأملاك الوقفية على الأغراض المحددة لها وفق شروط الواقفين.

عمليًا إدارة الأوقاف تمت بعد ممارسات فردية خاطئة من بعض النظار، فكان لا بد من ضبط وسن قوانين تنظم أعمال الوقف، فتم إصدار قانون الوقف في ولاية سيلانغور عام 1952م، ثم لاحقًا ولاية ترينجانو عام 1955م، ثم حكومة ملاكا 1959م، ثم ولاية بيراك عام 1965م، ثم ولاية جوهور بارو عام 1978[iii]. هذه القوانين كانت تتم من داخل الولايات الماليزية بناء على أن الدستور يجعل من مسؤوليات السلطان القيام والإشراف على الشعائر الإسلامية، وبالتالي، فقد تم تأسيس المجلس الديني الإسلامي في كل ولاية لغرض متابعة أعمال الشعائر الدينية، ومنها الزكاة والوقف والحج. وتقع الولاية القضائية على الوقف ضمن اختصاص المحكمة الشرعية، ففي ولاية ءسيلانجور ومالاكا، يتم توفير أحكام قانون الوقف بموجب تشريع الوقف (ولاية سيلانجور) 1999 وتشريع الوقف (ولاية ملقا) 2005، والمتعارف عليه أنه يجب تسجيل كل وقف باسم المجلس الديني الإسلامي كمالك وفقًا لقانون الأراضي الوطني 1965، وهذا الأمر يستدعي من كافة الولايات تنظيم قوانين أو تشريعات الوقف [iv]. عمليًا تنبهت الحكومة الماليزية لأهمية هذا المورد الموزع في الولايات بأشكال مختلفة، فأقامت في سنة 2004، إدارة الوقف والزكاة والحج جوهر، لتكون تحت إدارة مكتب رئيس الوزراء لتسهيل تنمية الوقف فى ماليزيا، فهو مكتب تنسيقي ولا يتدخل في شؤون الأوقاف في الولايات، وفي عام 2006، تم تخصيص 63 مليون دولار أمريكى لتطوير أراضي الوقف في ماليزيا[v].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

بينت إدارة الأوقاف والزكاة والحج أنه في يوليو من عام 2013 يوجد حوالي 1.674.434 هكتار من الأراضي الوقفية تبلغ قيمتهما السوقية [1.189.169.118.75] رينغت ماليزي [ يساوي تقريبًا 300 مليون دولار أمريكي]، حسب الجدول المحدد أدناه[vi]:

الرقم الولاية أعداد الأراضي الحجم بالهيكتار
عام خاص المجموع عام خاص المجموع
1. PULAU PINANG 1,083 69 1,152 704.29 37.72 742.01
2. PAHANG 144 0 144 74.60 0 74.60
3. KELANTAN 89 421 510 19.72 265.20 284.92
4. TERENGGANU 170 443 613 27.78 456.32 484.10
5. MELAKA 145 609 754 77.68 279.36 357.04
6. WILAYAH PERSEKUTUAN 17 43 60 1.57 22.70 24.27
7. NEGERI SEMBILAN 12 17 29 6.68 10.50 17.18
8. SABAH 4 110 114 0 2,130.04 2,130.04
9. SELANGOR 537 173 710 295.15 57.52 352.67
10. PERUS 93 93 83.22 83.22
11. PERAK 318 4,915 5,233 20,225.75 20,225.75
12. KEDAH 130 938 1,068 96.04 724.27 820.31
13. JOHOR 3,798 3,798 5,149.10 5,149.10
14. SARAWAK 78 78 143.68 143.68
                   المجموع النهائي  أرض14,356   هيكتار30,888,89
الولاية الأرض الوقفية مجموع الأراضي قيمة الأرض الوقفية
(بالهيكتار)
 

عام

 

خاص

(بالرينجيت الماليزي)
Johor 1,422.80 1,729.50 3,152.30 7,000,500.00
Kedah 157.65 1,081.24 1,238.88 1,964.00
Kelantan 16.01 157.04 173.06 56,443,073.00
Melaka 11.65 21.6 33.25 66.5
Negeri Sembilan 1.01 14.49 15.5 36
Pahang 0 723.82 723.82 18,000,000.00
Perak 116.12 0 116.12 383
Perlis 2.74 14.49 17.23   1,337,998.00
Pulau Pinang 220.03 559.23 779.26   850,000,000.00
Sabah 4,339.73 57.22 4,369.95   61
Sarawak 6.86 4.04 10.9   1,416,781.90
Selangor 235.63 31.82 267.45   200,000,000.00
Terengganu 393.79 5,423.75 5,817.54   54,968,239.35
Federal Territory of Kuala Lumpur 0.49 1.59 2.08   16
المجموع 6,924.51 9,819.83 16,744.34   1,189,169,118.75

ويعتبر الوقف على المساجد هو الأغلب في ماليزيا حيث فاقت النسبة 75% من إجمالي الأراضي الوقفية، بينما يمثل الوقف على المدارس حوالي 8% فقط كما هو مبين في الجدول[vii]. ووفقًا لمكتب جوهر فإنّ حجم الأراضي الوقفية المذكور أعلاه ليس بالحجم الفعلي للأراضي الوقفية في ماليزيا[viii]، ويوجد تقريبا 33.000 ألف هكتار من الأراضي الوقفية في ماليزيا، المطور منها فقط 17%[ix]، وهذا يكشف عن مدى وفرة العقارات الوقفية في جميع الولايات الماليزية، وهي عقارات وأراضٍ صناعية وزراعية وخدمية وأبنية تجارية، لكن بعضها للأسف تم تأجيره لعدة عقود مقابل أجرة زهيدة جدًا من خلال عقود الحكر. والمخطط التالي يكشف عن كثرة العقارات الوقفية غير المطورة، ففي بعض الولايات الماليزية تعتبر 85.3% من العقارات الوقفية غير مطورة، في حين 11.35% قد تم تطويرها، و 3.3% جاري تطويرها، ما يعطى مؤشراً سلبياً عن الأداء الوقفي[x]:

الرقم استخدام الأرض الوقفية الحجم (فدان) نسبة الأراضي الوقفية
1. مساجد 462.6238 75.04%
2. مصليات 41.1742 6,68%
3. مقابر 2.5920 0.4
4. مدارس 50.5805 8,20%
5. جمعيات/دور أيتام 11.3647 1,84%
المجموع 92,18%
Source : Jabatan Waqf , Zakat, Dan Haji (JAWAHAR) Malaysia

لهذا، تم إشراك عدة مؤسسات مالية قوية بماليزيا في تطوير العقارات الوقفية، من ذلك صندوق الحج الماليزي وبنك إسلام ماليزيا وغيرهما من المؤسسات المالية الاستثمارية. وهذا يقودنا إلى أن التجربة الماليزية متفاوتة في الأداء بين الولايات، ولعل أفضل الولايات أداء وتنظيمًا لمورد الوقف هما ولايتا سلانغور وجوهور بارو من خلال لغة الأرقام والأصول[xi].

ثالثًا) استشراف التجربة

تحتاج التجربة الماليزية إلى تطوير تسجيل الأوقاف كلها في الولايات المترامية، فبعض المجالس الدينية في الولايات لا تحيط بيانات شاملة وموثوقة عن أراضي الوقف مما يتسبب في تأخير تطوير بعض أراضي الوقف غير المسجلة (Unregistered Waqf Land). فضلًا عن ذلك كله، أن حجما كبيرا من الأصول العقارية غير مطور أو مفعل، في ظل الإشراف الكامل للمجلس الديني على الأوقاف في الولاية، ما يجعل حركة الاستثمار الوقفي في الولاية تعتمد على كفاءة الإدارة الاستثمارية في الولاية، ولهذا نجد أن هناك تفاوتًا واضحًا في الأداء والاستثمار الوقفي بين الولايات الماليزية. ولعل السبب في هذا يعود أيضًا إلى التفاوت في كفاءة الموارد البشرية التي تدير وتستثمر الأوقاف، بل وقدرة هذه الموارد على الحفاظ على حصر الأوقاف وتوثيقها، في ظل العوز والنقص في الموارد المالية المتاحة لتطوير الوقف في هذه الولاية أو تلك