نيوزيلندا

أولًا) قراءة في التجربة

تقدر المساحة الجغرافية لدولة نيوزيلندا بحوالي 267.710.00 كلم مربع، وفي سنة 2019 بلغ عدد سكانها حوالي 4.917.000 نسمة[i]، وصل الإسلام إلى نيوزيلندا في فترة متأخرة من القرن الماضي، وتحديدًا بدأت هجرة المسلمين بأعداد كبيرة في الخمسينيات، من جنوب شرق آسيا، والهند، وباكستان، وسريلانكا، وألبانيا، وتركيا، ويوغسلافيا، وأندونسيا، ومن العرب، ويتجمع المسلمون في نيوزلندا في ثلاث مناطق؛ منطقة أوكلاند وفي جنوب الجزيرة الشمالية عدد لا بأس به من المسلمين، وفي جنوب شرقي الجزيرة الجنوبية في مدينة (كريست تشرش)، وأول مسجد أنشئ فيها كان في عام 1970 في مدينة أوكلاند، كما يوجد نحو 11 مسجدًا، وأعداد مسلمي نيوزيلندا تقارب 1٪ من مجموع السّكّان الإجماليّ، وأغلبهم من مسلمي الهند، حيث تبلغ نسبة الهنود من بين المسلمين نحو 29%، أمّا نسبة مسلمي الشّرق الأوسط فتبلغ نحو 21%، وهم من العرب والإيرانيين[ii]. وهناك عدة جمعيات خيرية ومراكز إسلامية تخص المسلمين في مدينة أوكلاند، ومدن أوكلادين، وويلينغتون، وبلمرستون، وكريست تشرش، أبرزها الجمعية الإسلامية النيوزيلندية. لكن في فبراير عام 2011 تم تأسيس مؤسسة الأوقاف النيوزيلندية، كبادرة وقفية بدأت من خلال تنفيذ مشروع قرباني -أضاحي العيد- بقيمة 2 مليون دولار نيوزيلندي في عام 2010، وهي مؤسسة خاصة تسعى لنشر ثقافة الوقف في المجتمع المسلم. ومقرها في أوكلاند، وتدار من قبل مجلس أمناء مكون من 5 أعضاء[iii].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

والحقيقة أنه ليس هناك معلومات موثقة عن واقع وحجم الأصول الوقفية في نيوزيلندا، على الرغم من وجود أصول وقفية دينية كالمساجد والمدارس، ولكن حركة الاستثمار الوقفي في الأصول المدرة كان يمكن أن تسهم في تطوير احتياجات المجتمع المسلم هناك، من خلال مشروع وقف المزارع الوقفية، ولكن للأسف غياب العمل المؤسسي ونقص المعلومات الموثقة، فضلًا عن الرقابة وتطبيق مبادئ الحوكمة تجعل من الصعب التكهن بدور ريادي للوقف في المجتمع المسلم هناك. فهناك أرقام تتحدث عن شراكة ما بين مؤسسة الأوقاف في دبي ومؤسسة الأوقاف في نيوزيلندا، من خلال تمويل الأولى مشروع سلمى للأغذية بعدة ملايين من الدولارات الأمريكية، ولكن ما زال عمل ضعيفًا ولم يؤثر في حركة الأوقاف في المجتمع المسلم هناك، فهناك تمويل يتراوح في الحجم من 7 مليون دولار إلى غير ذلك[iv].

ثالثًا) استشراف التجربة

تواجه أوقاف نيوزيلندا ظروفًا وتحديات صعبة، أهمها أنه ليس هناك مؤسسة وقفية يجتمع حولها جميع المسلمين، بل هي أعمال فردية لم تصل إلى كل مسلمي نيوزيلندا كي يشاركوا في أعمالها، وهذا يعني أن الأوقاف هناك هي عبارة عن جهود أفراد، وفي أحسن الأحوال يمكن أن نقول مؤسسات صغيرة لا تمثل جميع المسلمين هنالك. إضافةً إلى هذا، فإن المؤسسة الوقفية التي أسست عام 2011، بدأت بمشروع الأضاحي، وكان يمكن أن تشكل نموذجًا استثماريًا مميزًا للمسلمين هنالك، كمشروع إصدار وطرح صكوك وقفية لمشروع الأضاحي في العالم، وإقامة مزارع وقفية في نيوزيلندا، واعتماد التكنولوجية الزراعية، وقد تم وضع دراسة صكوك للمشروع قامت بها مؤسسة الأوقاف في نيوزيلندا، والاستفادة من – الصوف والجلد- للأضحية، والاستفادة من أعداد المسلمين، وتقدير حجم الأضاحي التي يتم استخدامها سنويًا، كل هذه المعطيات كان يمكن أن تسهم في مشروع استثماري مميز في قطاع الأوقاف، وتكون نيوزيلندا هي مقر هذا المشروع الوقفي الاستثماري، لكن للأسف غياب الحوكمة والشفافية عن أعمالها، فضلًا عن العمل المؤسسي السليم، أدى إلى ضمور المشروع وتعثره. أضف إلى هذا، عدم وجود قوانين تدعم تطور المؤسسة الوقفية فيها، وعدم تعاون المسلمين فيما بينهم بطريقة تعكس رغبتهم في تطوير الأداء الوقفي، حيث أن المسلمين فيها من عدة أعراق.