)سلطنة عُمان

أولًا) قراءة في التجربة

تعتبر سلطنة عُمان من الدول التي مارست شعيرة الوقف منذ قدم عهد الرسالة[i]، فمع إسلام الصحابي مازن بن غضوية السعدي في السنة السادسة للهجرة، تم إنشاء أول مسجد يُعرف بمسجد المضمار، وهو أول وقف في عُمان[ii]، عمليًا تعتبر وزارة الأوقاف والشئون الدينية بمسقط ومعها إدارات الأوقاف في الولايات العُمانية المشرفة الرئيسة على كافة أنواعها الخيرية والأهلية وأوقاف المساجد ومدارس القرآن الكريم، فقد أنشئت وزارة الأوقاف عام (1997م) بناء على المرسوم السلطاني رقم (84/97) الذي تم فيه تغيير مسمى وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية إلى وزارة العدل وتم به فصل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن وزارة العدل، ومن اختصاصاتها بناء المساجد – التي تربو على عشرة آلاف مسجد في السلطنة – والمحافظة عليها والمساهمة فى بناء مساجد أخرى داخل وخارج السلطنة. ومن المديريات التابعة للوزارة المديرية العامة لتنمية الأوقاف -بيت المال- التي تهتم بتنمية الأوقاف؛ وتقوم باستثمار أموال الأوقاف في المشاريع التي لها مردود عالٍ. وقد صدر قانون الأوقاف في المرسوم السلطاني (65/2000)، والذي تم تعديله بالمرسوم السلطاني رقم (54/2013)، والذي يمنح المؤسسات الوقفية شخصيتها الاعتبارية، وأبعد عنها المركزية لإدارة أموال الأوقاف في سائر مُحافظات السلطنة، والتي من خلالها يمكن إنشاء أوقاف عامة وخاصة حسب احتياج المجتمع.[iii].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

الوزارة معنية بوضع الخطط الاستثمارية وإدارتها، وهي المفوضة بتحديد شكل الاستثمار من خلال[iv]:

  • أموال الأوقاف التي تشرف عليها وتديرها الوزارة، وهي عبارة عن أصول ومحلات تجارية وبنايات سكنية في مختلف ولايات السلطنة، تقوم الوزارة بالإشراف التام عليها وبتحرير عقود الإيجارات والاستثمار والعمل على صيانتها الدورية، ومنها مشروع السهم الوقفي الذي سهل عملية مساهمة المسلم في المشاركة في الوقف بمبالغ بسيطة كان لها دور في خدمة وتنمية الأوقاف.
  • أموال الأوقاف التي يشرف عليها الوكلاء الشرعيون، فالوزارة تعين وكيلا لكل وقف من أوقاف المساجد أو المدارس وغيرها، يتولى الإشراف عليها وصيانتها وتنميتها وصرف ريعها للمستحقين، ويتم محاسبة هؤلاء الوكلاء من خلال التقارير. وُجدت بعض الجهود لحصر أموال الأوقاف بالسلطنة إلا أنها لم تكتمل بالشكل المراد منها ولذلك فلا يوجد في الوقت الحالي إحصائية دقيقة للأوقاف في السلطنة من حيث حجمها أو قيمتها إلا أن الوزارة في الوقت الحالي تعمل على الحصر الإلكتروني للأوقاف بداية للتحول الرقمي لخدمات الأوقاف والمؤمل أن ينتهي قريبا؛ أما تصريف ريع الوقف فقد نص القانون واللائحة التنفيذية على ضرورة التقيد بشرط الواقف لكن مع ذلك وضح بأن تعمير الوقف وصيانته من ريعه وللوزارة تحديد نسبة لذلك، كما أنه أجاز أن يصرف ريع وقف المساجد للأئمة والمؤذنين ومعلمي القرآن الكريم وغيرهم من العاملين فيه، وأجاز القانون أن يصرف للمثيل إن كان الريع فائضا عن حاجة الموقوف عليه[v]. عادة ما يتم تأجير الأصول العقارية والاستفادة من أجرتها في مصالح الموقوف عليه، وهو العقد السائد سواء كانت الأصول زراعية أو تجارية أو سكنية. إلا أنه قد توجد أصول عقارية بيضاء لم تستغل من قبل؛ والوقف لا يملك نقدا يبني أو يشيد تلك الأراضي فقد أجاز القانون للوزير (الوكيل العام للأوقاف)أن يأذن للغير بتعمير أرض الوقف بغرض استثمارها. وتتنوع الأوقاف في عمان بتنوع مصادرها ومصارفها وهو ما يوضحه الشكل الموالي[vi]:

ثالثًا) استشراف التجربة

على الرغم من أن التجربة العُمانية عريقة وقديمة، ولكنها تواجه بعض التحديات مثل [vii]: المركزية في بعض الإجراءات المتعلقة بالمؤسسة المديرة للوقف، وغياب الخبرات التخصصية في جوانب التنمية والاستثمار من الموظفين الإداريين المعنيين بإدارة الأوقاف، فضلًا عن عدم كفاءة الوكلاء الموكلين لرعاية الأوقاف وإدارة شؤونها. كذلك وجود بعض الأوقاف بيد الأهالي يصعب على الجهة المديرة للأوقاف معرفتها وحصرها، وانعدام الثقة عند البعض بالجهة المديرة للوقف، وهذا ما يؤدي إلى عدم وجود سندات إثبات الملك (الملكية) من الجهة المعنية بإصدارها (وزارة الإسكان)، كما أن تأجير كثير من تلك الأوقاف تم بأجرة منخفضة مما يحتاج إلى تصحيح تلك العقود.

ولكنها مع هذا تسعى إلى التكامل مع التجارب العربية وأن تستفيد من الحراك الوقفي، لا سيما في مجال تطوير القوانين والتشريعات، والعمل على تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية، والاستفادة من الأصول الوقفية كي يتوازى معها العائد، وهذا يجعل من الأهمية بمكان العمل على تطوير مستوى التعبئة الإعلامية، والتي قد تكون معدومة ولم تحظ بالاهتمام.