) تنزانيا

أولًا) قراءة في التجربة

يقدر عدد سكان تنزانيا في عام 2019 بحوالي 58.005.463 نسمة، وتبلغ مساحتها 947 ألف كيلو متر مربع[i]. وتتكون جمهورية تنزانيا الاتحادية من تنجانيكا وزنجبار، بعد اتحادهما في دولة واحدة باسم تنزانيا، ونسبة المسلمين فيها نحو 69% والعاصمة تسمى دار السلام. دخل الإسلام مبكرًا الى تنزانيا في القرن الأول الهجري، ونقلوا اليها شعائر الإسلام واللغة العربية، حتى دخل الاستعمار البرتغالي في القرن الثاني عشر الهجري[ii]، وهذا يعني أن الوقف بدأ مع دخول الإسلام، حيث الأوقاف الدينية كالمساجد ودور القرآن تنتشر في هذه البقعة من أفريقيا. لكن عمليًا لم يوجد قانون ينظم الوقف بطريقة صحيحة كما حال بعض الدول الإسلامية، وإن كان هناك قوانين تنظم بعض الوصايا وإدارة العقارات، ويشمل القانون جميع العقارات الإسلامية وغير الإسلامية، كما ينص الجزء الخامس عشر من القانون، الأقسام 140 إلى 158، على إدارة عقارات الوقف في تنزانيا. وفي زنجبار وجد قانون يحكم الأوقاف – إدارة الوقف والممتلكات الاستئمانية، كالقانون رقم 2 لعام 2007[iii]. هذا الاختلاف جعل من إدارة الأوقاف في تنزانيا يتنوع، ما بين مؤسسة الأوقاف التنزانية، التي تأسست عام 2019، لدمج هيئات وكيانات الوقف في تنزانيا، إلى أوقاف خاصة متعددة ومتنوعة تخضع لأصحابها مباشرة، الهيئات والجهات التي تدير الوقف.

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

هذا التنوع في إدارة الأوقاف، جعل من الصعب حصر جميع الأوقاف في تنزانيا، فضلًا عن تقدير أصولها العقارية، فهي غير معروفة حاليًا[iv]، وهذا ما يصعب على المشرفين على الأوقاف التحول نحو استثمار الأصول الوقفية بطريقة صحيحة، أو تأسيس أوقاف استثمارية مدرة على المجتمع التنزاني. وهذا ما يفسر كثرة الأوقاف الدينية والاجتماعية على حساب الأوقاف الاستثمارية أو التنموية، ما يصعب من توعية المجتمع بأهمية هذا النوع من الأوقاف. ولعل لغة الأرقام تعكس هذا الأمر، فعدد الأوقاف الدينية كالمساجد يصل إلى 12000، والمدارس الدينية تصل إلى 5500 مدرسة، وست كليات للتربية،وكلية للصحة، وما يقارب 30 دارًا للأيتام[v].

ثالثًا) استشراف التجربة

على الرغم من الدخول المبكر للإسلام لهذه الديار، إلا أنه ولظروف تخص المجتمع لتعدد أعراقه وأجناسه، أدى هذا إلى تأخر التطور الذي صاحب الوقف خلال الفترة المرصودة، فحتى الآن لا يوجد قانون أوقاف محدد لتنظيم الأوقاف في تنزانيا، وغياب الأطر الشرعية والقانونية والتنظيمية للأوقاف، وعدم تحقق معايير الحوكمة، ما أدى إلى وجود فجوة بين المجتمع المسلم ونظام الوقف، علمًا أن المسلمين يشكلون أغلبية، وهذا يستدعي عمل توعية مجتمعية قوية لدى المجتمع في دعم الحركة الوقفية فيه، وتطوير الأدوات الإدارية والاستثمارية والمحاسبية والتقنيات الحديثة في إدارة الأصول الوقفية