زامبيا

أولًا) قراءة في التجربة

توضح الحقائق التاريخية أن الإسلام دخل إلى زامبيا بدخول التجار إليها[i]، والذين ربطتهم التجارة مع السكان الأصليين، وقد دخلوا إلى زامبيا بواسطة الدول المجاورة والتي بها مسلمون، حيث يقوم التجار المسلمون سواء في إفريقيا أو آسيا أو من العرب بشراء المنتجات الزراعية من غالبية السكان الأصليين الذين يعملون بالزراعة، ويجلبون معهم ما يحتاج السكان إليه من منتجات الدول الأخرى، كنوع من التبادل التجاري، واستقر بعضهم في زامبيا وتزوجوا من السكان الأصليين، وبذلك اعتنق بعض السكان الأصليين الإسلام، وهذا تقريبا في القرن الرابع الهجري، وبعد ذلك أقام المسلمون الأوائل المساجد، وبهذا عرفت زامبيا الثقافة الوقفية، ثم تعرضت زامبيا كغيرها من الدول الإفريقية إلى الاحتلال والاستعمار البريطاني، وفي يوم 24 أكتوبر 1964، حصلت زامبيا على استقلالها من الاحتلال[ii]. إن الأوقاف في زامبيا تحكمها قوانين الثقة، وليس هناك قوانين خاصة بالإسلام، لأن القوانين الحالية السائدة في زامبيا علمانية. وبسبب طبيعة الوقف فالقوانين بمثابة إثبات وتكريس لممتلكاتها، ويدار من خلال مجموعة من الناس تشترك في نفس الرؤية لمفهوم الثقة. ودولة زامبيا لا تتوفر على قانون محدد وخاص بالقطاع الوقفي للركون عليه، والقوانين المتوفرة ذات طبيعة علمانية مثل قانون الجمعيات[iii].

ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية

إن الممتلكات والأصول الوقفية في زامبيا على نوعين: المدرة للدخل أو لتوليد الإيرادات وغير المدرة للدخل، ومن الأملاك المدرة للدخل الأراضي التي يتم تأجيرها لأغراض الزراعة، ولا تقل قيمة الأرض عن حوالي عشرين ألف دولار أمريكي، وهذا تؤكده أرقام الإيجارات التي يتحصل عليها من خلال الأعمال والمشاريع التي قامت بها الإدارة الوقفية بزمبيا، وتمتلك أيضا منازل للإيجار والتي يمكن من خلالها جني بعض الأموال، والقيمة الإجمالية للبيوت الوقفية المؤجرة تقريبا 50 ألف دولار أمريكي، فضلا عن امتلاكها لمجمع رياضي به خمسة جوانب مرتبطة، وتتحصل من خلاله كذلك على بعض الإيرادات، إضافة إلى عيادة طبية تتسع إلى حوالي 50 مريضًا في اليوم، وفي 60 يوما تقريبا تمت معالجة 1500 مريضًا في هذه العيادة. أما الأوقاف غير المدرة للدخل أو التي ليس لها إيرادات فهي مثل المساجد والمدارس كمدرسة ماكيني الإسلامية والتي يكون التدريس فيها من مرحلة الحضانة إلى مرحلة الجامعة[iv].

ثالثًا) استشراف التجربة

على الرغم من أن الإدارة الوقفية بزامبيا سلسة، والحكومة منحت لها امتيازات عديدة، إلا أنها تواجهها عدة تحديات واختناقات تعيقها، أبرزها جهل عامة المسلمين في زامبيا بخصوص أعمالهم الوقفية، وإدارتها والفوائد التي يمكن تحقيقها و الحصول عليها من خلال استثمارها، لذلك ينبغي على العلماء تنوير الجمهور العام في قضايا الأوقاف. إضافة إلى أن هناك نوعًا من الفجوة الفنية بين المعرفة الإسلامية والمعرفة الأكاديمية والمهنية، بعبارة أخرى غياب المزج بين المعرفة الإسلامية للعلماء والمعرفة العملية للمهنيين، ثم تحديات أخرى إلا أنها مؤقتة كونها تتعلق بالعمليات الإدارية، فضلا عن عدم وجود عنصر الاستثمار وهذا راجع إلى نقص الميزانية المخصصة للتمويل، وعلى هذا الأساس ينبغي على الدول سواء العربية أو الإفريقية كجنوب إفريقيا وتنزانيا مد يد المساعدة للقطاع الوقفي في زامبيا