زنجبار
أولًا) قراءة في التجربة
إن تاريخ الوقف في زنجبار قديم منذ أن دخلها الإسلام[i]، وقد ارتبط دخول الإسلام إليها بأول هجرة عمانية عربية إلى إفريقيا عام 1698، واستمر الحكم العماني إلى حين الاجتياح البريطاني، وصارت آنذاك زنجبار مستعمرة بريطانية، وحصلت على استقلالها في 19 ديسمبر 1963، وفي عام 1964 توحدت مع تنجانيقا[ii] لتشكيل جمهورية، وأطلق عليها اسم جمهورية تنزانيا المتحدة[iii]. وعرفت زنجبار الأوقاف منذ فترة طويلة، تقريبا قبل 800 عام مع بناء مسجد سلطان زنجبار في أوائل عام 1905 [iv]، ولقد مرت إدارة الأوقاف بزنجبار بأربع مراحل أساسية: أولا إدارة السلاطين للأوقاف (1832 ــ 1890)، ثانيا الإدارة البريطانية (1890 ــ 1963)، ثالثا إدارة الوقف زمن ثورة 1964 إلى عام 2007، ثم أخيرا هيئة الوقف والثقة المعاصرة (والتي أقرها القانون لعام 2007 حتى الآن)[v]. وعرف قانون الوقف في زنجبار عدة تغييرات وتعديلات على مر التاريخ، وهي على النحو الآتي: في 1905 صدر أول مرسوم خاص بالقطاع الوقفي رقم 2، ثم المرسوم الوقفي الجديد رقم 2 سنة 1907، وتم تعديله بمرسوم رقم 15 لعام 1909، واستمر تعديله إلى عام 1980 الذي صدر فيه قانون إدارة أموال الوقف رقم 5، وصولا إلى قانون محدد يحكم الأوقاف – إدارة الوقف والممتلكات الاستئمانية، القانون رقم 2 لعام2007 [vi]. ويعتبر قسم تنسيق الشؤون الدينية وقسم تنسيق الشؤون الإسلامية في زنجبار بمثابة وحدة للدفاع عن قضايا الوقف، غير أن هذا يحتاج إلى جهود كبيرة لتنسيق الأوقاف ولو جزئيا، فالوقف في زنجبار عبارة عن وحدة واحدة[vii].
ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية
إن الممتلكات والأصول الوقفية في زنجبار على نوعين: أراضٍ ومبانٍ، وتحتوي زنجبار اليوم على حوالي 300 مسجد على صغر حجمها، فضلا عن 412 مبني وقفي و12 أرض وقفية[viii]. وبعض المباني الموجودة في زنجبار قديمة جدا، وحاليا تعمل لجنة الثقة لابتكار أساليب جديدة لاستثمارها، وفي عام 2020 تم بالفعل تشييد مبان جديدة، ومن المتوقع أن يكون هناك تقدمٌ قوي في التجربة الوقفية في زنجبار بعد ثلاث سنوات[ix]. ولا يوجد في زنجبار أوقاف نقدية، لكن يعملون على إنشاء ورش عمل لبناء قسم لذلك، وقد استعد البنك الإسلامي هناك لإدارة الوقف النقدي عند تأسيسه[x]. وتمتلك زنجبار جامعتان هما جامعة زنجبار، وهي أقدم جامعة أهلية، تم تأسيسها من طرف جمعية دار الإيمان عام 1997م، وجامعة السميط التابعة لجمعية العون المباشر[xi]. وعزمت العديد من المؤسسات في زنجبار على تنفيذ مبادرات وقفية، أبرزها مؤسسة الوقف النقدي والتي تعمل على إنجاز ندوات حول أهمية الوقف النقدي، ويتولى قسم الخدمات المصرفية الإسلامية في زنجبار بنك الشعب مسؤولية إنشاء وإدارة الوقف النقدي. فضلا عن مؤسسات التمويل الأصغر القائمة على الوقف، والتي تهتم بتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة في زنجبار، غير أن هذه الفكرة لم تُفعل بعد على أرض الواقع، وذلك لأنها تحتاج إلى الوقف النقدي ليكون في وضع فعال[xii].
ثالثًا) استشراف التجربة
تعاني التجربة الوقفية في زنجبار من عدة تحديات وصعوبات خطيرة، أهمها عدم كفاية التعليم والوعي والموارد البشرية المناسبة، فضلا عن عدم وجود انخراط ودعم ومشاركة من أصحاب المصلحة المسلمين المعنيين للنهوض بالقطاع الوقفي في زنجبار، ثم عدم كفاية نظام إدارة السجلات، وعدم وجود مساءلة ومحاسبة وشفافية كافية، إضافة إلى قلة الوعي العام بمسؤوليات الهيئة[xiii]. وبعد معرفة المعوقات والمشاكل التي تواجه التجربة الوقفية في زنجبار، يتعين عليها تعزيز الندوات والورشات لتوعية المجتمع بأهمية القطاع الوقفي، والعمل على ابتكار مشاريع ومبادرات للنهوض بهذا القطاع