زمبابوي
أولًا) قراءة في التجربة
يقدر عدد سكان دولة زيمبابوي (روديسيا) بحوالي 15 مليون نسمة[i]، وحاليا لا توجد بيانات وإحصائيات تكشف عن عدد المسلمين فيها، لكن تقريبا نسبتهم 3% من السكان، وهذا كان في السابق، أما الآن فسيكون عددهم أكثر من هذه النسبة[ii]، وقد كانت زيمبابوي في السابق مستعمرة بريطانية، تعرضت آنذاك لهجمة شرسة، عانى فيها المسلمون من جميع أشكال الاضطهاد، وأدى بهم الاستعمار إلى عزلتهم وإبعادهم عن مصادر العلم والمعرفة، إذ أغلقوا عليهم تقريبا ألف مدرسة، و في عام 1980 حصلت زيمبابوي على الاستقلال[iii].
وزيمبابوي إذن ليست دولة مسلمة، ولا يوجد لها قانون محدد وخاص بقطاع الأوقاف، والوقف في زيمبابوي يمكن أن يكون مسجلًا تحت اسم “المنظمة الائتمانية”، وهذه المنظمة تستعين بمحام لتسجيلها، ثم يقوم المحامي بصياغتها في مسودة خاصة، والواجب إتباع الدستور وقوانين البلد، ولابد من أخذ موافقة المجلس على تسجيل هذه المنظمات[iv]. وحاليا، يوجد في زيمبابوي مجالس، على سبيل المثال مجلس علماء الإسلام والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ودار الإفتاء وجمعية مسلمي زيمبابوي، فضلًا عن وجود عدد من الجمعيات الإسلامية الأخرى، والتي تشتغل في مجالات نشر الوعي الديني، وإنشاء الكتاتيب القرآنية، والإشراف على بناء المساجد والمدارس القرآنية، وأعمال البر والخير[v] .
ثانيًا) إدارة الأصول الوقفية
إن الإحصائيات والبيانات عن الأوقاف بزيمبابوي غير متاحة بسهولة للجمهور، وذلك راجع إلى كون الأوقاف عمل غير منظم، لذلك ليس هناك صندوق سيادي كما هو الحال في جنوب إفريقيا، من أجل الحصول على المعلومات والبيانات، فضلا عن أن بعض المنظمات لا تتوفر على مواقع رسمية، وبعبارة أخرى لا تتوفر زيمبابوي على هيكلية لحصر ممتلكاتها وأصولها الوقفية[vi]. وممتلكات وأصول الوقف في زيمبابوي على شكل مدارس دينية وما إلى ذلك، إضافة إلى أن هناك منظمة تدير عيادة طبية، وتمتلك زيمبابوي تقريبا ثلاثين مسجدا وعشرين مصلى، تنتشر في معظم المدن والقرى، وألحقت بهذه المساجد كتاتيب لتعليم أبناء المسلمين لكنها غير كافية، كما أن المعلمين فيها غير مؤهلين، فضلا عن أن المناهج ضعيفة وهزيلة، إذن فالمدارس الإسلامية تحتاج إلى تدريب وتأهيل المدرسين. وهذه الكتاتيب يتم تمويلها من طرف تبرعات المسلمين، فالأمر إذن يحتاج إلى مركز إسلامي لتدريب الأئمة أو معهد لتخريج الدعاة
ثالثًا) استشراف التجربة
تعاني أوقاف زيمبابوي من عدة تحديات وعوائق، أبرزها وأهمها نقص المعرفة أو البيانات عن واقع الأوقاف في زيمبابوي، وهذا راجع إلى غياب ما يعرف ب “منظمات العمل الوطنية” أو ما يسمى ب “الصندوق السيادي”، فضلا عن عدم وجود خبرة بين الأشخاص أو الأفراد في مجال إدارة الأوقاف، غير أن هذا التحدي يتم التعامل معه عن طريق التدريب. ومشكلة آخرى مرتبطة بالجهل أو نقص العلم بأهمية القطاع الوقفي في المجتمع الزيمبابوي، إلى درجة أنهم يعتقدون أن الأوقاف للأثرياء والأغنياء فقط، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن زيمبابوي تمتلك العديد من المبادرات والإنجازات مثل مبادرة الوقف النقدي، والذي من خلاله تستطيع الطبقة الوسطى أو الطبقة العاملة التطوع والتبرع فيه، ولو بمبلغ بسيط على أساس شهري للمشاريع. و أيضا وجود نقص في ما يسمى ب “العقلية البدوية”، وبعبارة أخرى لا يوجد عند المجتمع الزيمبابوي ما يعرف ب “المنح” أو “المساهمات” والتي تحقق التكافل الاجتماعي بين الأفراد
[ii] ــ Muftj Shuaib Asali, waqfs in Zimbabwe, (International Institute of Islamic Waqf, Southern Africa Waqf Forum, Friday 19 Feb, 2021), See [https://www.youtube.com/watch?v=Flzbg0im7aw&t=5094s].
[iii] ـ أحمد محمود السيد، المسلمون في زيمبابوي، ( الرياض، المملكة العربية السعودية، مجلة البيان، السنة السابعة والعشرون، العدد 294، صفر 1433 ه/ يناير 2012 م)، ص 97.
[iv] ــ Muftj Shuaib Asali, waqfs in Zimbabwe.
[v] ـ أحمد محمود السيد، المسلمون في زيمبابوي، مرجع سابق، ص 97.
[vi] ـ Muftj Shuaib Asali, waqfs in Zimbabwe.